إرشادات للتعامل مع الشخص المكتئب:
تغيير الطريقة التي يتفاعل بها الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل مع المكتئبين جزء من مساعدتهم على الشفاء من اكتئابهم واكتسابهم التبصر. وفي هذا الصدد. هناك بعض المبادئ المهمة:
1. تفهم أن المكتئب يتألم فعلاً. إن محنته حقيقية وليست مختلقة، بغض النظر عما إذا كانت الظروف يبدو أنها تبرر استجابته أم لا. وقد وصف الاكتئاب بأنه تكتيك للتلاعب بالآخرين والسيطرة عليهم، ولكنه ليس كذلك. فرغم حقيقة أن من لديهم ميل إلى التلاعب بالآخرين يستخدمون الاكتئاب لهذا الغرض، فإن الاكتئاب في حد ذاته ليس حيلة، إلا إذا كانت شخصية الفرد المكتئب مركبة على هذا النحو بالفعل. حتى عندما يكون الاكتئاب تعبيراً عن الغضب أو كان يمثل مناشدة للفهم، فإنه يكون مؤلماً مع ذلك. وأي محاولة للقول بأن التقلبات المزاجية للمكتئب زائفة سوف تعزز يقيناً إحساسه بالبعد والرفض.
2 . تعاطف مع الشخص المكتئب ولا تشفق عليه. شعورك بالشفقة عليه لن يعزز إلا شعوره باليأس ويؤكد إحساسه المتدني باحترام الذات، بل ربما يؤدي أيضاً إلى جعله يشعر بمزيد من العجز والاعتمادية.
3 . لا تواجه المكتئب بحقائق لا تحتمل. قرر رجل في الثانية والأربعين من عمره تصفية الأجواء في زواجه بالاعتراف لزوجته، التي كانت مكتئبة إلى حد ما عقب وفاة أبيها، بتورطه في علاقة جنسية غير مشروعة. بدون التفات إلي حالتها النفسية، أراح هذا الرجل نفسه من شعوره بالذنب باعترافه -وهو تكتيك مريب بشدة تحت أي ظرف من الظروف- وبالتالي تسبب في محاولتها الانتحار. عندما نحتاج إلى مناقشة مسائل جدلية مناقشة فعالة، من الأفضل عادة أن ننتظر شفاء المرء من الاكتئاب.
4 . قدم الأمل بواقعية. طمأنة الشخص المكتئب بإخباره بأن كل شيء سيكون علي ما يرام أمر مهم، ولكن يجب أن يتم بحكمة. في تلك اللحظة، لا يشعر المكتئب بأن كل شيء سيكون على ما يرام، ومن المحتمل ألا يثق بالتشجيع رغم حاجته إليه. علاوة على ذلك، إذا كانت هناك أي أخطار حقيقية - مشكلات مالية، أو تهديد بالطلاق، أو مرض أحد الأولاد- فإن الشخص لا يريد إنكار وجود هذا الخطر. والتظاهر بعدم وجود أي مشكلة عندما تكون هناك مشاكل كبيرة ليس بالطريقة المثلى لطمأنه المريض.
أرادت امرأة مساعدة زوجها المكتئب على التحسن فوجدت نفسها تخبره بأنها تحبه وأنها ´´ستبقى معه إلى الأبد´´ رغم أنها كانت منذ شهور تستشير مرشد زواج لمساعدتها في التعامل مع ما كانت تعتبره زواجاً غير سعيد في الأساس. لم تفلح طمأنة المرأة لزوجها لأنه كان يتلقى منها كافة أنواع الرسائل غير الشفهية المناقضة لما تقول.
5 . إذا أردت طمأنة المكتئب، فاجعل طمأنتك قائمة على حقيقة. المكتئب شخص فقد قدرته على رؤية الأمور من منظور سليم، سواء مضى على اكتئابه يوم أو أسبوع أو شهر. وعندما يكون المرء مكتئباً، فإنه يشعر أن الأمور كانت دوماً بالحال التي هي عليه رغم أنه يعلم أن هذا ليس صحيحاً.
شعر أحد الرجال، وكان أباً ممتازاً، وزوجا صالحاً، ورجل أعمال ناجحاً، وهو مكتئب أنه فشل في هذه الأدوار الثلاثة جميعاً. وعندما رأت زوجته أنه لا يقدر نفسه حق قدرها، بحثت عن طرق ووسائل لتذكره برفق بمقدار ما يعنيه لها وللأولاد. فعلت ذلك بديهياً بهدوء شديد وكررته دون مبالغة، غالباً عن طريق إبداء تعليق مطمئن من حين لآخر كان يسمعه رغم عدم استجابته على الفور. يعرف المعالجون أن عناد الاكتئاب غالباً ما يعمل ضد الطمأنة، وأن المبالغة في التأكيد على الجوانب الإيجابية في شخصيات المرضى وحياتهم لن يزيد اكتئابهم إلا عمقاً كما لو كان يتحتم عليهم أن يثبتوا لأنفسهم أن الأمور ميؤوس منها وأنهم عديمو القيمة.
يتوقف مدى انخراط المرء في محاولة مساعدة المكتئب على طبيعة علاقته به. فلا شك أنه ليس من الحكمة أن يضطلع من تجمعه بالمريض صداقة عابرة بمسؤولية كبيرة عن مساعدته في التغلب على الاكتئاب. ولكن يمكنه أن يوضح استعداده للمساعدة وتقديم الدعم، ولكن دون أن يتجاوز الحدود التي رسمتها طبيعة العلاقة نفسها.
وبالنسبة لصديق حميم أو أحد الأقرباء، تكون المسؤولية أعظم. قالت زوجة رجل مضى على معاناته من الاكتئاب حوالي 3 سنوات: ´´ليست المسألة أنني أريد فعل شيء من أجله فحسب: بل إن هذا واجب علي`` وأخيراً، وبناء على نصيحة صديق، توجهت لاستشارة طبيب نفسي، فقالت له: "أشعر أنه من الحماقة أن أكون هنا؛ فأنا لا أدري في الواقع ماذا يمكنك أن تفعل لمساعدتنا".
تمكن المعالج من وضع استراتيجية لها لإقناع زوجها ببدء العلاج، مقترحاً أن تشجع زوجها على التغلب على أي حرج قد يشعر به من اتخاذ مثل هذه الخطوة تمكن الطبيب النفسي أيضاً من مساعدتها على إعادة صياغة طريقة نظرتها إلى اكتئاب زوجها. " كنت قد بدأت أفكر أنه لم يعد يهتم بي. لم أستطع منع نفسي من اعتبار قلقه نوعاً من الضعف. ظننت أن زواجنا آخذ في الانهيار. الآن يمكنني أن أرى أن كل هذه الأشياء كانت النتيجة لا السبب في اكتئابه. لقد منحتني الأمل´´.
تلعب أسرة الشخص المكتئب دوراً حيوياً في تسريع شفائه. فعن طريق فهم طبيعة الاكتئاب وتزويد هذا الشخص بما يحتاج إليه من دعم، تستطيع الأسرة مساعدته على التغلب على الاكتئاب. وبإمكانهم معاً أن يطوروا نظام علاقات سوي وأكثر صحة.
